تحليل مركز الديمقراطية وحقوق الإنسان في السعودية – واشنطن
إن تعيين الأمير نايف لولاية العهد في السعودية وتعيين شقيقه الأمير سلمان وزيرا للدفاع دليل واضح على أن الجناح السديري المتشدد الذي يقوده الأميران قد تمكن من حكم البلاد مرة أخرى. وبالنظر إلى تاريخ الأميرين وتوجهاتهما فإن من المتوقع أن مستقبل السعودية تحت سيطرتهما لا يبشر بخير ولا يوحي ببارقة أمل في الإصلاح. ولا نبالغ إن توقعنا أن الشعب السعودي سيعاني القمع وسيذوق الويلات تحت حكم الأميرين لأنهما من أشد المعارضين للتغيير وأكثر من يدعمون التيار الديني المتشدد داخل وخارج السعودية.
يشترك الأميران – كما ذكرنا - في رفضهما القاطع لأي إصلاح من شأنه إشراك الشعب في تقرير مصيره وسن القوانين وتنفيذها ونقل البلاد إلى الإزدهار والتقدم وسيادة القانون وإرساء الحقوق والحريات وحمايتها ومحاسبة الفاسدين والمساواة بين جميع فئات المجتمع. كما أن الأميرين من أشد المتمسكين ببقاء الوضع على ما هو عليه باستخدام الدين كأداة للبقاء في الحكم وبدعم رجال الدين ومنحهم الصلاحيات الكاملة والحصانة اللازمة لقمع الشعب. بالإضافة إلى ذلك فقد اشتهرا بانتهاج سياسة القبضة الأمنية لإسكات جميع الأصوات المطالبة بالإصلاح والتغيير سواء بتهديدهم وأخذ التعهدات عليهم أو بإيداعهم السجون دون اعتبار لما يجري في العالم العربي من ثورات ضد الأنظمة الدكتاتورية والسياسات والقوانين التعسفية وتفشي الفساد في جميع القطاعات وخاصة في مؤسسات الدولة.
إن من أبرز الأمثلة التي تؤكد استعداد الأمير نايف لقمع الشعب والوقوف في وجه المطالب الحقوقية مهما كلف الأمر هو تصريحه لمجموعة من الإصلاحيين المطالبين بملكية دستورية عند لقائه بهم في عام 2003 الذي قال فيه "إن ما أخذناه بالسيف نحميه بالسيف". وهذا يعني أنه يعتبر الدولة ملكا خاصا بالعائلة الحاكمة تتصرف فيه كما تشاء. ولا يخفى على أحد طريقة توظيف نايف لرجال الدين ورجال الأمن - الذين من المفترض أن يكونوا في خدمة المواطنين وتأمين سلامتهم - في ترويع الشعب والقضاء على آماله.
ومن تصريحاته المشهورة في دعم التيار الديني الذي يمقته الشعب قوله "إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ركن سادس من أركان الإسلام".
ولا تقتصر سياسة نايف الأمنية على قمع المواطنين السعوديين فحسب بل تمتد إلى كل من يطالب بالعدالة الاجتماعية والحقوق الشرعية خارج السعودية كما حدث في البحرين بإرسال قوات درع الجزيرة التي يقف الأمير نايف خلف إنشائها من أجل التأكيد على منع أي حكم ديمقراطي في الجزيرة العربية، وكما يظهر من دفاعه واستضافته للحكام المطرودين كحسني مبارك وزين العابدين، وعلي عبد الله صالح.
ولا يختلف الأمير سلمان كثيرا عن نايف في تأييده للتيار الديني وتبنيه النهج الأمني لقمع المطالبين بالإصلاح مهما كلف الأمر فقد اشتهر بدفاعه المستميت عن الوهابية التي يعتبرها الإسلام الحقيقي. كما يؤكد تصريحه أثناء زيارته للقوات الجوية مؤخرا بأن "استقرار المجتمع يعتمد على قوة القوات المسلحة" إصراره على الإبقاء على سياسة القمع وعدم الالتفات إلى المطالب الشرعية للشعب.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ما الذي يمنع الأسرة الحاكمة في السعودية من الاستفادة من دروس التاريخ والحاضر التي تؤكد أن إرادة الشعوب لا يمكن قهرها وأن النظم الدكتاتورية مصيرها إلى زوال وأن الاستجابة لمطالب الشعب هي ما يحقق الأمن والاستقرار؟
No comments:
Post a Comment