تحليل مركز الديمقراطية وحقوق الإنسان في السعودية – واشنطن
اعتلقت السلطات السعودية في 16 من شهر اكتوبر الجاري فريق عمل برنامج "ملعوب علينا" بعد تسليطهم الضوء على قضية الفقر في السعودية. وقد أثار اعتقال الفريق استياء المراقبين ونشطاء حقوق الإنسان والمواطنين العاديين الذين رأو أن المخرج فراس بقنة وزملائه لا يستحقون الاعتقال بل يستحقون التكريم والإشادة. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ما هي الجريمة التي ارتكبها فريق عمل "ملعوب علينا" الذين حاولوا تنبيه السلطات والمسؤولين إلى تفشي ظاهرة الفقر في بلد يعتبر من أغنى دول العالم؟
إن الاعتقال التعسفي لأولئك الشباب المخلصين لوطنهم بسبب تطرقهم لقضية العدالة الاجتماعية دليل واضح على عدم رغبة السلطات في السعودية الاعتراف بمعاناة بعض شرائح المجتمع التي ترزح في فقر مدقع وتفتقر لأبسط مقومات الحياة.
إن اعتقال فراس وزملائه هو استمرار للنهج القمعي الذي تمارسه السلطات ضد من يهتمون بقضايا المهمشين ومن يطالبون بوضع حد للفساد.
وبدلا من أن تعترف السلطات بحق الفقراء من المواطنين في العيش الكريم الذي يعتبر من الحقوق الاساسية كما أوضحت حلقة الفقر في برنامج "ملعوب علينا" اعتبرت السلطة طرح الشباب للموضوع ومناقشته تشكيكا في عدالة الدولة وتدخلا في صلاحيات المسؤولين وربما تحريضا للرأي العام وهي التهمة التي أعتادت السلطات على توجيهها للنشطاء الحقوقيين والمطالبين بالإصلاح والعدالة الاجتماعية.
لقد تمادت السلطات السعودية في ظلمها للشعب وتجاوزت كل الحدود في عدم احترام مطالبه الشرعية فقد اكتظت السجون بالأبرياء من سجناء الرأي والضمير. إلى متى تستمر السلطات السعودية في محاربة من يطالبون بالاصلاح بصورة سلمية وبطريقة حضارية في الوقت الذي تثور فيه الشعوب العربية للتخلص من الظلم والفساد الذي يعاني منه الشعب السعودي؟
إن استمرار سياسة القمع ضد المواطنين التي طالت جميع شرائح المجتمع رجالا ونساء شبابا وشيوخا ليبراليين ومحافظين سنة وشيعة جعلت الشعب يزداد تمسكا بمطالبه المشروعة في الحرية والعدالة والمشاركة في تقرير مصيره.
إن كانت السلطات السعودية حريصة على وحدة الشعب وسلامته وعلى السير به نحو مستقبل زاهر تتوفر فيه العدالة والحرية وكرامة الانسان فإن الفرصة لاتزال سانحة للقيام بذلك، فالشعب لم يطالب حتى الآن برحيل النظام إنما بالعدالة والمساواة وبناء دولة المؤسسات التي يحكمها دستور يحدد الحقوق والواجبات ويحمي الحريات ويساوي بين المواطنين.
No comments:
Post a Comment