ما لا يقال عن انعدام المواطنة الحقيقية في السعودية

تحليل مركز الديمقراطية وحقوق الإنسان في السعودية – واشنطن

من الأفضل تعريف مفهوم المواطنة قبل الحديث عن انعدامها في السعودية:

المواطنة هي صفة المواطن الذي له حقوق وعليه واجبات تفرضها طبيعة انتمائه إلى وطن. ومن هذه الحقوق: حق التعليم، حق الرعاية الصحية، وتوفير فرص العمل، والحق في المشاركة في صناعة القرار وضمان تنفيذه ومحاسبة المسؤولين. ومن الواجبات: واجب الولاء للوطن - وليس للحاكم - والدفاع عنه، وواجب أداء العمل، وإتقانه. وبناء على ذلك فالمواطنة هي علاقة الفرد بدولته، علاقة يحددها دستور متفق عليه والقوانين المنبثقة عنه والتي تحمل وتضمن معنى المساواة بين المواطنين.

السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل يتوافق تعريف المواطنة في السعودية مع التعريف أعلاه؟

إن من يطلق عليهم مسمى "مواطنون" في السعودية لا يحظون بالعديد من حقوق المواطنة الحقيقية لانعدام المساواة بين المواطنين بسبب عدم وجود قوانين يشارك الجميع في صنعها وضمان تنفيذها. ويتضح من التسمية (سعودي) أن أنتماء المواطن ليس إلى وطن وإنما إلى الأسرة التي تحكم البلد.

وقد أدى غياب المواطنة بمفهومها الصحيح في السعودية إلى تزايد الفرقة بين أبناء الشعب الذي أصبح يستند إلى معايير أخرى كالطائفية والمناطقية والقبلية وغير ذلك الأمر الذي أدى إلى تفكك المجتمع.

واستغلت السلطات الحاكمة هذا التفكك وعملت على ترسيخ الانقسام بين أبناء الشعب للسيطرة عليه ولضمان الاستمرار في الحكم. وتكمن أهم معالم الفرقة بين أبناء الشعب في التمييز بين الجنسين وبين الطوائف الدينية وكذلك في التفرقة على أساس الانتماء العرقي وتفضيل المواطنين الذين ينحدرون من مناطق معينة على غيرهم من أبناء المناطق الأخرى.

وكشف بيان وزارة الداخلية الأخير بشأن أحداث العوامية طائفية بعض الكتاب الليبراليين الذين أيدوا البيان الطائفي ضد الأقلية الشيعية وشككوا في ولاء المتظاهرين الشيعة ووطنيتهم واتهموا كل مؤيد لمطالبهم بعدم الولاء للدولة.

لقد أعطى البيان الضوء الأخضر للطائفيين والمتطرفين لكي يتصدو لكل من يعارض سياسات الدولة التمييزية وكل من يطالب بالمساواة بين أبناء الشعب وبالعدالة وبالحرية الدينية وبحرية التعبير وبإطلاق سراح سجناء الرأي والضمير.

كان حريا بمن انتقدوا المتظاهرين وأتهموهم بالولاء لجهات خارجية بالبحث عن الأسباب الحقيقية التي دفعت المتظاهرين للتظاهر خاصة وأن المطالب التي رفعها المتظاهرون تصب في مصلحة الوطن وجميع أبناء الشعب.

إن أمام السلطات السعودية فرصة ثمينة لإثبات رغبتها في الإصلاح إن أرادت فعلا تجاوز الربيع العربي والحفاظ على استقرار حقيقي من خلال البدء فورا في إصلاحات جذرية وإشراك الشعب في حكم نفسه، فالعدل يقتضي التوزيع العادل للسلطة بين فئات المجتمع لتفادي الثورات التي قامت بسبب استئثار فئة معينة بالسلطة والثروة.