تحليل مركز الديمقراطية وحقوق الإنسان – واشنطن
في 25/سبتمبر/ 2011 ألقى الملك عبد الله خطابا أعلن فيه السماح للسعوديات بالمشاركة في مجلس الشورى والترشح والتصويت لانتخابات المجالس البلدية القادمة. وقد حظي الخطاب بدعم محلي وعالمي بالرغم من أن الملك لم يوضح آليات وضمانات تطبيق هذا القرار الذي لم يغير في واقع المرأة السعودية شيئا فهي لا تزال تعتبر مواطنة من الدرجة الثانية ومحرومة من حقوقها الطبيعية والإنسانية التي كفلتها لها المواثيق والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها السعودية.
لقد تسببت عوامل كثيرة في صدور قرار الملك عبد الله ومن أبرزها المطالبات المتكررة للنساء بحقهن في قيادة السيارات وهي الحملة التي شدت انتباه وسائل الإعلام العالمية بعد أن تحدت السعوديات الحظر المفروض على المرأة وبدأن في قيادة مركباتهن، الأمر الذي كشف مدى قساوة التمييز ضد المرأة في السعودية لوسائل الإعلام العالمية. والأهم من ذلك هو أن تزايد أعداد المؤيدين والمتضامنين مع المرأة في حقها في قيادة السيارة من رجال ونساء داخل المملكة أربك السلطات لأن أكثر ما تخشاه هو أن يتحد الشعب للمطالبة بحقوقه الشرعية فقد اعتمدت العائلة المالكة في بقائها في الحكم منذ البدايه وحتى الآن على تفرقة الشعب وتقسيمه حتى يسهل التحكم فيه.
ومن العوامل الأخرى التي أجبرت السلطات على إصدار القرار الملكي عامل الثورات العربية التي اندلعت احتجاجا على الظلم والقمع والفساد وبسبب استئثار أسر معينة ومقربون لهم على الحكم وتقديم مصالحهم الخاصة على مصالح الشعب فقد شعرت السلطات السعودية بالقلق من أن يثور الشعب لتحقيق مطالبه التي لا تخلتف عن مطالب الشعوب العربية الثائرة. كما ساهم تأييد أميرات من العائلة المالكة لبعض مطالب الشعب في صدور القرار كالأميرة بسمة بنت سعود التي اشتهرت بانتقاد الفساد وتوجيه انتقادات لاذعة إلى المسؤولين وإلى المؤسسة الدينية، بالإضافة أيضا إلى كلا من الأميرة عادلة وصيته (ابنتا الملك عبد الله) والأميرة أميرة الطويل اللواتي عرفن بمساندة قضايا المرأة في السعودية.
إن المشكلة في القرار الملكي تكمن في أنه لم يلامس القضايا الحقيقة والمشاكل الأساسية للمرأة في السعودية، وفي أنه لا يمكن ضمان تنفيذه فبإمكان الملك أو من سيخلفه إلغاؤه في أي لحظة كما حدث في عام 2005 عندما أعلنت السلطات أن المرأة السعودية ستشارك في انتخابات المجالس البلدية التالية إلا أنها مُنعت من المشاركة في الانتخابات الحالية والتي كان من المفترض أن تُنظم في عام 2009 إلا أن الملك أعلن تأجيلها إلى 2011، بالإضافة لعدم وجود مؤسسات مستقلة في الدولة تصدر القوانين وتضمن تطبيقها.
ولا يقتصر الأمر على الأسباب المذكورة أعلاه فقط بل أبعد من ذلك، فمجلس الشورى مجلس صوري ليس له أي صلاحيات تشريعية يختار الملك أعضاءه الذين يقتصر دورهم على تقديم التوصيات. ولا يختلف وضع المجالس البلدية كثيرا عن الشورى، فنصف أعضاء هذه المجالس يتم اختيارهم أيضا ويقتصر عملهم على جمع الشكاوى ورفعها إلى المسؤولين.
إن الحديث عن حقوق سياسية للمرأة في دولة بلا مؤسسات مستقلة ولا يشارك الشعب في اختيار ممثليه ومساءلتهم ولا في تحديد سياسة الدولة يعد من الترف خاصة في وضع كوضع المرأة السعودية المحرومة من حقوقها الطبيعية، فهي قاصر في عين القضاء ومحرومة من العمل في العديد من المجالات وتحتاج إلى موافقة ولي الأمر عند التنقل أو العمل ولا يُسمح لها حتى بقيادة سيارتها كما تفعل النساء في كل دول العالم.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: أليس من المنطق أن يصاحب قرار منح المرأة حقوقها السياسية قرار منحها حقوقها الطبيعية والإنسانية بإلغاء نظام المحرم والإعتراف بها كإنسانة كاملة الأهلية وقادرة على إدارة شؤونها بدون تدخل أحد لأنها وحتى تؤدي واجباتها السياسية على أكمل وجه لابد أن تكون مستقلة وقادرة على اتخاذ قراراتها بنفسها دون الحاجة إلى الرجوع إلى أحد.
No comments:
Post a Comment