تحليل مركز الديمقراطية وحقوق الإنسان – واشنطن
في الثالث من شهر اكتوبر الجاري شهدت بلدة العوامية بمحافظة القطيف في المنطقة الشرقية احتجاجات واسعة وصلت إلى حد الاشتباك بين المحتجين ورجال الأمن. وتحظى المنطقة الشرقية الغنية بالنفط باهتمام عالمي لاعتماد أجزاء كبيرة من العالم على النفط الذي يتم انتاجه وتصديره من هناك. وهذه ليست هي المرة الأولى التي يحتج فيها المواطنون الشيعة الذين يعانون من الفقر والتهميش والإقصاء والحرمان من كل حقوقهم الشرعية بسبب معتقدهم الديني.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ماهي العوامل التي دفعت أولئك الشباب إلى التظاهر واستخدام الأسلحة ضد رجال الأمن؟
إن ما يدفع المواطنين من أبناء الطائفة الشيعية إلى الاحتجاج والتظاهر ليس جهات خارجية كما تدعي السلطات السعودية وإنما معاناتهم من التمييز الديني ومن القمع الذي تمارسه السلطات ضدهم. وقد أكدت تقارير منظمات حقوق الإنسان حول العالم مرارا أن الأقلية الشيعية تتعرض للاضطهاد والتمييز والتضييق بسبب معتقدهم الديني وأن الكثير من رجال الدين الشيعة ونشطاء حقوق الإنسان يتعرضون للاعتقال باستمرار بسبب انتقادهم واعتراضهم على السياسات التي تنتهجها السلطات السعودية ضدهم ولمطالبتهم بالحرية الدينية وبالعدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والحق في العمل في مرافق الدولة وتقلد المناصب العليا.
لقد دأبت السلطات السعودية على اختلاق الأعذار الواهية للتهرب من مواجهة الواقع والتنصل من تحقيق مطالب الشعب. وكما هو متوقع أتهمت الحكومة السعودية المتظاهرين بالعمل لصالح جهات خارجية تسعى للمساس بأمن الوطن واستقراره.
إن رد السلطات السعودية على الأحداث لا يختلف عن رد سائر الأنظمة القمعية العربية التي اتهمت المتظاهرين بالخيانة والعمل لصالح جهات أجنبية بدلا من الاعتراف بصحة المطالب الحقوقية والشرعية التي ينادي بها الثوار.
إن من الأجدى الاستجابة لمطالب الشعب السعودي والاعتراف بمعاناة الأقلية الشيعية بصفة خاصة بدلا من لوم الآخرين، فقد ثبت فشل سياسة توجيه أصابع الاتهام لجهات خارجية التي استخدمتها كل الأنظمة الدكتاتورية العربية، كما فشلت سياسة القمع التي مارستها تلك الأنظمة ضد شعوبها.
إن اتهام السلطات السعودية للمتظاهرين بالعمل لصالح جهات أجنبية كما جاء في بيان وزارة الداخلية هو دعوة للفتنة الطائفية وللتفرقة بين عناصر المجتمع. ولا يختلف اتهام السلطات للمحتجين بالعمل لجهات خارجية عن استخدامها للدين والعادات ضد المرأة ولعدم الاستجابة لمطالب الشعب في المشاركة في تقرير مصيره.
لقد اعتمدت العائلة الحاكمة في استمرارها في الحكم على تفرقة المجتمع وضرب بعضه ببعض في صراعات جانبية والتي رسخت العداوات بين طبقات المجتمع وحالت دون اتحاده للمطالبة بحقوقه المشروعة.
والأسئلة التي تطرح نفسها هي:
1- إلى متى تستمر السلطات السعودية في استخفافها بالشعب وفرض وصايتها عليه وكأنه لا يستحق أن يحصل على حقوقه كغيره من الشعوب.
2- وهل سيستفيد النظام السعودي من الثورات العربية ويبدأ بإجراء إصلاحات حقيقية قبل فوات الأوان؟
3- إلا يدفع تعنت السلطات السعودية ورفضها باستمرار الاستجابة للمطالب الشرعية في الحرية والعدالة والمساواة والشفافية وسيادة القانون ووقف الفساد، ألا يدفع ذلك الشعب إلى انتهاج العنف لتحقيق تلك المطالب؟
No comments:
Post a Comment