دأبت الدولة السعودية الوهابية منذ نشأتها على استخدام الدين كأداة لتبرير سياساتها واتهام من يعارضون هذه السياسات بمخالفة التعاليم الإسلامية بحسب التفسير الوهابي للدين. وقد وفرت هيئة كبار العلماء على الدوام الغطاء الشرعي لكل سياسات السلطة وخاصة تلك المعادية للمرأة والأقليات وغير المسلمين. فعلى سبيل المثال أرسى رجال الدين نظام المحرم للتأكيد على دونية المرأة وتكريس سيطرة الرجل عليها ومنحه الحق الكامل في التحكم بشؤونها الخاصة منذ ولادتها حتى وفاتها واعتبارها قاصرا مهما امتلكت من قدرات وحققت من انجازات.
وكما يتم استخدام الدين كأداة لخلق اضطرابات اجتماعية بين الرجل والمرأة، يتم استخدامه أيضا لتأجيج الصراعات الدينية بين السنة الشيعة. ولا يقتصر استخدام الدين كأداة للتفرقة بين أفراد المجتمع ومكوناته فحسب وإنما يٌستخدم أيضا لمنع أي إصلاحات من شأنها تأهيل الشعب لتقرير مصيره والعمل على تحسين أوضاعه ورسم مستقبل أفضل للأجيال القادمة، فقد أصدرت هيئة كبار العلماء مؤخرا فتوى بتحريم المظاهرات التي كان من المقرر خروجها للمطالبة باصلاحات سياسية ومحاربة الفساد والتعصب الديني وإطلاق سراح سجناء الرأي والضمير والسماح بانشاء منظمات مجتمع مدني.
ومن الواضح أن رجال الدين والسلطات الحاكمة يتفقون على رفض الإصلاح ويعملون على إبقاء الوضع كما هو عليه واستعمال الدين لتبرير ذلك لأن أي إصلاح حقيقي سيمثل تهديدا للصلاحيات المطلقة التي يحظون بها على حساب الشعب.
السؤال الذي يطرح نفسه هو: إذا كانت السعودية تستخدم الإسلام لاضطهاد المرأة وظلم الأقليات ومنع غير المسلمين من ممارسة شعائرهم الدينية في السعودية وقمع المطالبين بالإصلاح والحريات، فلماذا يغضب السعوديون والمسلمون بصفة عامة عند اتهام دينهم بأنه غير متسامح وغير عادل ولا يحترم الحريات الشخصية وحقوق الإنسان؟
No comments:
Post a Comment